ظروف نشأة مشعل

 

بعد سنوات طويلة من نضال أمهات، زوجات وآباء المختطفين وعى أبناء المختطفين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم لدعم نضال الجيل الأول، من أجل كشف الحقيقة حول مصير الآلاف من حالات الاختفاء القسري على المستوى الوطني المرتكبة على يد أعوان الدولة الجزائرية سنوات التسعينيات من القرن الماضي وإحقاق العدالة، ومواصلة المسيرة على المدى البعيد إن تطلب الأمر. فالأبناء عانوا هم كذلك مما عانين منه امهاتهم اثناء وبعد اختطاف ابائهم وبالخصوص على المستوى النفسي والاقتصادي. لقد تم على ضوء هذا اختيار اسم “المشعل” للجمعية دلالة على استمرارية النضال السلمي من اجل الحقيقة والعدالة، بإشراك أبناء المختطفين واقاربهم والمتعاطفين معهم من جيل الشباب.

كون الكثير من الأبناء كانوا شهودا على اختطاف وتعنيف ابائهم من قبل قوات الأمن سبب لديهم ذلك صدمات نفسية وقد ازدادت هذه الصدمات النفسية حدة وتطورت عبر الزمن لقضائهم طفولتهم في غياب ابائهم بالإضافة الى المعاناة الاقتصادية التي عانوها والتمييز الذي مورس ضدهم وضد اسرهم من قبل مؤسسات الدولة كنعتهم بأبناء الإرهابيين، رفض المساعدة الاجتماعية لهم وعدم السماح لهم ولأفراد أسرهم بالعمل بها خاصة الأجهزة الأمنية التي لا يسمح الى غاية اليوم بانتساب ابناء المختطفين.

بناءاً على ما تقدم كان ايجاد إطار سلمي يجمع ابناء المختطفين ويتعاونون من خلاله على مواصلة النضال من اجل الحقيقة والعدالة ومن اجل التكفل بانشغالاتهم ودعم بعضهم البعض نفسيا على الخصوص أكثر من ضروري في ضل المخاوف من انجرار بعضهم الى العنف ردا على هول ما تعرضوا له هم وعائلاتهم. رغم ذلك لم يلقى ابناء المختطفين اي دعم او تسهيل من قبل السلطات الجزائرية في مسعاهم الإيجابي والمفيد للمجتمع والدولة هذا بل بالعكس من ذلك وضعت العراقيل الإدارية امام اعتماد جمعيتهم بل وحتى تعرضوا للتهديدات والمضايقات من الأجهزة الأمنية لا لشيء الا لإصرارهم على ممارسة حقوقهم الدستورية كمواطنين جزائريين في تأسيس جمعية تتكفل بانشغالاتهم. مع العلم أن الحكومة الجزائرية ذاتها اعترفت رسميا بوجود 8023 حالة اختطاف على يد قوات الأمن في حين تقدر جمعيات المختطفين عدد الحالات على المستوى الوطني بأكثر من عشرون الفا وعلى مستوى ولاية جيجل بحوالي ألف حالة.

انعقدت الجمعية العامة التأسيسية لجمعية المشعل لأبناء المختطفين يوم الجمعة 22 ماي 2009 وتم خلالها المصادقة على القانون الأساسي للجمعية وانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي وفقا لمبادئ الديمقراطية وطبقا لما ينص عليه القانون تحت رقم 90ــــ31 المؤرخ في 4 ديسمبر 1990 المتعلق بالجمعيات الساري آنذاك. تبعه بعد ذلك تقديم طلب تسجيل رسمي لدى مكتب الجمعيات بولاية جيجل يوم الأحد 24 ماي 2009 وهذا بغية الحصول على الاعتماد. لم يقابل تقديمنا للملف الكامل بتسليمنا وصل الإيداع كما يلزم ذلك القانون، وقد تحجج مسؤول المكتب باحتمال استعمالنا هذه الوثيقة ضد الإدارة، الأمر الذي لم نتمكن من فهمه على الإطلاق.

نظرا لعدم حصولنا على أي رد رغم انقضاء الآجال القانونية قمنا بمراسلة والي ولاية جيجل بتاريخ 16 سبتمبر 2009. تلقينا على إثرها استدعاء من قبل مكتب الجمعيات تحت رقم 4913/09/م.ت.ش.ع/م.ت.ع/م.ج.إ مؤرخا في 13 أكتوبر2009 حيث أعلمنا الموظف أن اجراءات اعتماد جمعيتنا تم عرقلتها من طرف الأجهزة الأمنية. كما تم استدعاء جميع الأعضاء المؤسسين لما يسمى التحقيق الأمني في الفترة ما بين 05-10أكتوبر 2009 وقد تم التحاقهم جميعهم في الحين وتم سؤالهم عن انتماءاتهم السياسية وان كانوا قد سافروا من قبل الى الخارج من بين اسئلة اخرى تم تقييدها في محاضر طلب منهم توقيعها.

مند ذلك لم يصلنا أي رد بخصوص طلب اعتماد الجمعية إلى غاية اليوم رغم مرور أكثر من عشر سنوات ورغم تقربنا من مكتب الجمعيات ومراسلتنا لوالي ولاية جيجل مرارا وتكرارا في انتهاك صارخ للقانون تحت رقم 90ــــ31 المؤرخ في 4 ديسمبر 1990 المتعلق بالجمعيات الذي بموجب مادته رقم 8 تعتبر جمعيتنا جمعية مكونة قانونا.